لمكافحة كراهية الإسلام.. تحذيرات أممية من تحول بعض منصات التواصل إلى منابر تعصب
يحتفل به في 15 مارس من كل عام
بموجة عارمة من الكراهية والتحريض على العنف، أقرت الأمم المتحدة بتزايد معدلات معاداة وكراهية الإسلام والمسلمين، ما أدى إلى تحويل بعض منصات التواصل الاجتماعي إلى منابر لنشر التعصب.
ويحيي العالم، اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام، في 15 مارس من كل عام، للتذكير بأن الإرهاب والتطرف العنيف لا ينبغي ربطهما بأي دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية.
وكراهية الإسلام أو ما تعرف بـ"الإسلاموفوبيا"، هي الخوف من المسلمين والتحيز ضدهم والتحامل عليهم، بما يؤدي إلى الاستفزاز والعداء والتعصب بالتهديد وبالمضايقة وبالإساءة وبالتحريض وبالترهيب للمسلمين ولغير المسلمين، سواء في أرض الواقع أو على الإنترنت.
وتستهدف تلك الكراهية بدافع من العداء المؤسسي والأيديولوجي والسياسي والديني الذي يتجاوز تلك الأطر إلى عنصرية بنيوية وثقافية، الرموز والعلامات الدالة على أن الفرد المستهدف مسلما.
ويؤكد هذا التعريف الصلة بين المستويات المؤسسية لكراهية الإٍسلام ومظاهر مثل تلك المواقف التي يؤجهها بروز هوية الضحية المسلمة المتصورة.
ويفسر هذا النهج أيضًا كراهية الإسلام بوصفها شكلا من أشكال العنصرية، حيث يُنظر إلى الدين والتقاليد والثقافة الإسلامية على أنها تهديد للقيم الغربية.
وانتشر مصطلح الإسلاموفوبيا، لا سيما في الدول الغربية، عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي تجسدت في الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
ومرارا أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أعمال الكراهية والتعصب المتواصلة ضد المسلمين في كل أنحاء العالم، محذرا في عدة مناسبات من أن هذا الاتجاه المثير للقلق لا يستهدف المسلمين فحسب، بل يستهدف أيضا اليهود والأقليات المسيحية وغيرهم.
وقال غوتيريش في كلمة بهذه المناسبة لعام 2024: "يأتي اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام في وقت نشهد فيه موجة متصاعدة من الكراهية والتعصّب ضد المسلمين في كثير من أنحاء العالم".
وأضاف: "هناك تمييزٌ مؤسسي وأشكال أخرى من العوائق التي تنتهك حقوق الإنسان والكرامة الواجبة للمسلمين، وبسبب ما يُطلق من خطاب يحضّ على الانقسام وما يجري من تصوير للمسلمين بغير حقيقتهم، توصم مجتمعات بأسرها، وما يُبثّ من خطاب كراهية على الإنترنت يؤجّج العنف في الحياة الحقيقية".
وأوضح الأمين العام: "قسم كبير من هذا الاتجاه المثير للجزع إنما هو جزء من نمط أشمل يتم في إطاره الهجوم على الجماعات الدينية والشرائح المستضعفة، بما في ذلك اليهود وطوائف الأقلية المسيحية وغيرهما".
وتابع "يجب علينا أن نقف في وجه التعصّب بجميع أشكاله وأن نجتثّه من جذوره، ويجب على القادة أن يدينوا الخطاب التحريضي المؤجج للنعرات وأن يحموا الحرية الدينية".
واستكمل: "كما يجب على المنصات الرقمية أن تطبّق ضوابط على المحتوى الذي يحضّ على الكراهية وأن تحمي المستخدمين من المضايقات، ويجب على الجميع أن يتّحدوا لمكافحة التعصب والتنميط والتحيّز".
واختتم أنطونيو غوتيريش كلمته قائلا: "لنلتزم معا بتشجيع الاحترام المتبادل والتفاهم، وتعزيز التماسك الاجتماعي، وإقامة مجتمعات شاملة لجميع الناس يعمّها السلام والعدل".
وفي عام 2019، دشنت الأمم المتحدة استراتيجية بشأن خطاب الكراهية، إذ أشارت إلى أن خطاب الكراهية هو من بين أكثر الوسائل تفشيا لنشر الخطاب المثير للانقسام، لا سيما من خلال التكنولوجيات الرقمية.
وضمن إطار عمليات الرصد المنتظمة التي تنفذها بعثة الأمم المتحدة، متابعة خطاب الكراهية والتحريض على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تشكل مسألة مثيرة للقلق لفترة من الزمن.
وتشدد الأمم المتحدة على ضرورة ضمان الدول وجود مساحة مأمونة وميسرة للمشاركة والمناقشة، بما يتوافق مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وتقع على عاتق الدول مسؤولية التصدي لأي شكل من أشكال كراهية على أساس الدين أو المعتقد بطريقة تتوافق مع حقوق الإنسان، حيث ينبغي للدول كذلك أن تتبنى سياسات وبرامج تعزز بها التنوع وحرية التعبير، وخاصة في المجتمعات المتعددة الثقافات والمترابطة.
ورغم أن القواعد والمعايير الدولية تتيح إطارا لمكافحة التحريض على التمييز والعنف، فإن المقرر الخاص السابق المعني بحرية الدين أو المعتقد أحمد شهيد، أشار إلى زيادة الشكوك والتمييز والكراهية الصريحة للمسلمين ووصولها إلى "أبعاد وبائية" في أعقاب الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 وغيرها من الأعمال الإرهابية المروعة التي يُزعم تنفيذها باسم الإسلام.
وأقدمت العديد من الحكومات على أفعال ملموسة لمكافحة كراهية الإسلام بوضعها تشريعات وتدابير تُعنى بمكافحة جرائم الكراهية لمنع جرائم الكراهية ومقاضاة مرتكبيها، وبشن حملات تثقيفية عامة عن المسلمين والإسلام بهدف تبديد الخرافات والمفاهيم المغلوطة والمسيئة.
مجلس حقوق الإنسان
واعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مؤخراً قراراً، بأغلبية أعضائه (47 دولة) يدين أي دعوة إلى الكراهية الدينية، بما في ذلك الأفعال الأخيرة المتعمدة من التطاول على القرآن الكريم، بما يشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف، سواء كان ذلك يتعلق باستخدام وسائل الإعلام المطبوعة أو السمعية البصرية أو الإلكترونية أو أي وسيلة أخرى.
وجاء القرار عقب جلسة نقاشية عاجلة عقدت على مدى يومين حول الكراهية الدينية وحادثة تدنيس القرآن التي شهدتها السويد وبعض الدول الأوروبية مؤخراً.
وصوت لصالح مشروع القرار الذي تقدمت به مجموعة دول منظمة التعاون الإسلامي 28 دولة، مقابل اعتراض 12 دولة، وامتناع 7 دول عن التصويت.
وأكد القرار الحاجة إلى محاسبة المسؤولين عنها بطريقة تتماشى مع التزامات الدول الناشئة عن حقوق الإنسان الدولية، داعياً الدول إلى اعتماد قوانين وسياسات وأطر وطنية لإنفاذ القانون تعالج وتمنع وتقاضي الأفعال والدعوة إلى الكراهية الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف وأن تتخذ خطوات فورية لضمان المساءلة.
وتدعو منظمة التعاون الإسلامي (عدد الدول 57) إلى تشجيع إقامة حوار عالمي بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات، استنادا إلى احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات.